المؤتمر الدولي للسياسات اللغوية
“إنّ العربيّة بخير ما دام النّاطقون بها عارفين بفضلها وإمكاناتها .. حافظين لتراثها ورسالتها .. مؤمنين بدورها ومكانتها .. مقتنعين بأهمّيّة تجديدها وتعزيز انفتاحها على الثّقافة العالميّة .. فاللغة إن لم تتنفس فنًا وابداعًا وابتكارًا، ضمرت وتكلست .. ولغتنا طالما أبدعت وقدّمت للعالم منتجَّا إنسانيًّا فذًّا في عصور الانفتاح .. فهي قادرة على الإبداع من جديد إن نحن فتحنا لها النوافذ .. وأطلقنا الطّاقات الهائلة الكامنة في ثنايا حروفها البديعة وبلاغتها المعجزة”.
نحثّ الجميع على التّسجيل المبكّر لتسهيل مشاركتكم وحضوركم والتّواصل معكم.
قرّر أحد الحكّام أن يقوم بإصلاح الدّولة، فجمع كلّ مستشاريه، وطلب منهم أن يدلي كلّ برأيه، وتنوّعت الآراء، فمنهم من رأى البدء بإصلاح السّياسات والخطط، ومنهم من رأى البدء بالإدارة، ثمّ التّجارة والاقتصاد، والجيش والأمن، والزّراعة والصّناعة، وغيرها من الميادين الحيويّة. ولم يتحدّث كبير مستشاريه، فطلب منه الحاكم أن يدلي برأيه فقال:
“ابدأ بإصلاح اللغة، فالنّاس بها يتحدثّون ويتواصلون ويتعاملون ويعملون ويفكّرون ويبدعون ويبتكرون ويطوّرون وينتجون، وبها يدارون ويحكمون ويوجّهون ويأمرون، وبها تتحقّق السّيادة والاستقلال والوحدة الوطنيّة والعدالة والمساواة بين أفراد المجتمع، وبها يتمّ إعادة إنتاج المجتمع والمحافظة على الأجيال القادمة من الذّوبان والانصهار في ثقافات ومشاريع خارجيّة تهدّد الأمن والاستقرار واللحمة الوطنيّة، وباللغة يتمّ توطين العلوم والتّقنيّات والصّناعات وترجمة المعارف المختلفة، وبصلاح اللغة تصلح السّياسة والخطط والإدارة والاقتصاد والتّجارة والأمن والتّنمية وتتطوّر الدولة وتحافظ على هويتها ووحدتها واستمرارها واستقلالها، وتستطيع أن تنافس الأمم والشّعوب وأن تكون قدوة للدّول التي تحافظ على لغتها الوطنيّة الموحّدة والجامعة في جميع مؤسّساتها الوطنّية والأهليّة، التي تتمسّك بثوابتها ومرجعيّاتها وتراثها وثقافتها وتاريخها، في الوقت الذي تطوّر فيه علاقاتها الدّوليّة وتنهض بقدراتها المختلفة، وتركّز على سرعة نموّها ومَنَعتها الدّاخليّة وهيبتها العالميّة”.